أما الأذان في أذن المولود فقد روى أبو داود، والترمذي، والحاكم وصححاه، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبي رافع قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن في أذن الحسن بن علي حين ولدته فاطمة (1).
وأما الجمع بين الأذان والإقامة، فقد ورد فيه حديثان:
- أحدهما: ما رواه البيهقي في (الشعب) بسند فيه ضعف، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أَذَّن في أُذن الحسن بن علي يوم ولد، وأقام في أذنه اليسرى (2).
- والحديث الثاني: ما رواه البيهقي أيضاً في (الشعب) بسند فيه ضعف عن الحسن بن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَن وُلد له مولود، فأذّن في أُذنه اليمنى، وأقام في أذنه اليسرى، رفعت عنه أم الصبيان" (3).
▪ وعلى هذه الأحاديث الثلاثة اعتمد ابن القيم في (تحفة المودود في أحكام المولود)، وترجمها باستحباب التأذين في أذن المولود، والإقامة في أذنه اليسرى.
• ثم أبدى ابن القيم رحمه الله الحكمة في ذلك، فقال: سر التأذين -والله أعلم- أن يكون أول ما يقرع سمع الإنسان كلماته -أي: الأذان- المتضمّنة لكبرياء الرب، وعظمته، والشهادة التي هي أول ما يدخل بها في الإسلام، فكان ذلك كالتلقين له شعار الإسلام عند دخوله إلى الدنيا، كما يلقن كلمة التوحيد عند خروجه منها. وغير مستنكر وصول التأذين إلى قلبه، وتأثره به، وإن لم يشعر.
- مع ما في ذلك من فائدة أخرى: وهي هروب الشيطان من كلمات الأذان، وهو كان يرصده حتى يولد، فيقارنه المدة التي قدرها الله وشاءها، فيسمع شيطانه ما يضعفه، ويغيظه أول أوقات تعلقه به.
- وفيه معنى آخر: وهو أن تكون دعوته إلى الله، وإلى دينه الإسلام، وإلى عبادته سابقة على دعوة الشيطان، كما كانت فطرة الله التي فطر الناس عليها سابقة على تغيير الشيطان لها، ونقله عنها، ولغير ذلك من الحكم.أ.هـ، والله حكيم عليم.